نحصد ما زرعنا معضلتنا المستدامة افتقارنا للرؤية

Publié le par إدريس ولد القابلة

الحوار المتمدن


link

 


مع تراكم المعضلات أضحينا في وضع يشير إلى عدم إمكانية بقاء الحال على ما هو عليه، كما أنه أضحى من الصعب بمكان اعتماد الإصلاح الجزئي والقطاعي لأن أوانه قد فات ولم يبق أمامنا إلا التغيير الشامل أو القطيعة.


لكن ما يدعو إلى التفاؤل رغم تشاؤم مجريات الواقع المعيش، عموماً على الصعيد العربي والإسلامي أن ما تقترفه أمريكا وإسرائيل من تجاوزات وجرائم –في ظل خنوع وصمت مخزي للقائمين على أمور العرب والمسلمين، دفع الكثيرين إلى التحرك نحو التغيير، ورُبّ ضارة مرحلياً نافعة استراتيجياً.


في هذا الإطار العام، إن معضلتنا البنيوية اتضحت اليوم بشكل صارخ أكثر من أي وقت مضى، علماً أنها ظلت قائمة منذ سنة 1956، وتتمثل بالأساس في غياب الرؤية. لذا فنحن اليوم مازلنا على هامش القرن الحادي والعشرين. وتزداد هذه المعضلة إلحاحاً اليوم الذي أضحينا فيه أفقر دولة في منطقة المغرب العربي، لا نتوفر إلا على مصادر هشة جداً للثروة الوطنية خلافاً لباقي الدول المغاربية. وحتى الرأسمال البشري فرّطنا فيه بفعل هجرة الأدمغة جراء تضييق الخناق على الحرية والإهمال السافر للبحث العلمي وعدم تشجيع الإبداع والإبتكار والإصرار على عدم توفير الشروط الضرورية لانتعاشه.


وإن غياب الرؤية –إن على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي- عمّق التخلف والتأخر وضخّمه رغم كثرة اللغط والهرطقة حول الحداثة التي لم تعد تعني شيئاً اليوم، مادام القطار قد فاتنا.


إن افتقارنا لرؤية واضحة المعالم ومحددة المقاصد ودقيقة الأهداف جعلتنا نراكم الفشل تلو الفشل على امتداد أكثر من خمسة عقود. لقد فشلنا في محو الأمية وانضافت إليها أمية جديدة اعتباراً لأن أمية اليوم لم تعد مرتبطة فقط بفك الحروف والأعداد ما دامت أمية اليوم ليست هي أمية الأمس. والحالة هاته فشلنا في مواجهة الأمية بمفهومها الحالي العتيق أما الأمية بمفهومها الحالي مازلنا لا نليها أدنى اهتمام. كما فشلنا في التعليم، وفشلنا في ضمان الأمن الغذائي، وفشلنا في دمقرطة المؤسسات والمجتمع... وكل فشل يقودنا أكثر للمزيد من الخضوع والخنوع للخارج.


فهذا ما زرعناه ونحصد اليوم ثماره.


وفي هذا الصدد تعب البروفسور المهدي المنجرة في التأكيد –حتى بحّ صوته- على أنه دون رؤية لا يمكن بلورة استراتيجية، ودون استراتيجية . لايمكن تبني سياسة، ودون سياسة وتخطيط لا يمكن التقدم في أي مجال من مجالات الحياة وأي قطاع ولا يكفي التوفر على رؤية وإنما وجب أن يلازمها الوعي بقيمتها، ولا يأتي ذلك إلا في مناخ ديمقراطي السامح بالتعبير الحرّ دون قيد أو شرط حتى نضمن المشاركة وتيسير سبل المساهمة في صناعة القرار.


لكن كيف نطلب من القائمين على الأمور ببلادنا اعتماد رؤية بعيدة المدى، واضحة المعالم ومحددة المقاصد، ومثل هذه الرؤية تستوجب أولاً الثقة في النفس، في حين أن ما يهمهم هو البقاء في الكرسي مما يجعلهم مجبولين على رؤية آنية همها الحفاظ على الموقع بأي وسيلة.


وإن مغرب اليوم يجب أن يكون مغرب الحرية والعزّة والعدالة والكرامة والأمل، ولن يتحقق إلا بالإعتماد على رؤية واضحة المعالم محددة المقاصد ودقيقة الأهداف معتمدة على الذات وليس على الخارج، محصنة بالثقة الكاملة في الهوية المتشبعة بالحضارة الذاتية وليس حضارة الغير ونمط عيشه، ومكرسة ومرسخة قيّمنا نحن وليس قيم الغير

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article